الفتاوى التكفيرية تثير موجة غضب في مؤتمر الحوار.. وتصعد المطالب بمحاكمة الزنداني ونجلة
خيمت أجواء فتاوى التكفير على أجواء مؤتمر الحوار الوطني على مدى الأيام الماضية، حيث قوبلت فتاوى التكفير التي أطلقها الشيخ عبدالمجيد الزنداني ونجله بحق 37 عضوا من أعضاء فريق بناء الدولة
واتهم العلامة الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني - عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح - رئيس هيئة علماء اليمن - التيار الليبرالي في مؤتمر الحوار الوطني بجعل لله شركاء في الحكم، وحذر من خدعة الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريعات، والتي قال إنهم يريدون أن يعودوا بالأمة إلى ما كان من قبل وإلى ما هو موجود في كثير من البلاد العربية تحت تأثير ووطأة الاستعمار، وفي بلاغ صادر عن الشيخ الزنداني، أشار إلى ان إقرار "الشريعة المصدر الرئيسي للتشريعات" تصبح الدولة بلا دين، وأمر الدين للشعب يصلي ويصوم ويزكي فقط، ولا يحكم بشريعة الله ولا يلتزم الحاكم بالكتاب والسنة والتمسك بهما، ونوه الزنداني إلى ان فصل الدين عن الدولة يتيح للشعب اختيار يهودي من المواطنين للحكم ويمكن المرأة من حكم الشعب. وقال الزنداني: إن مؤامرة تحاك على اليمن وإسلاميتها، داعياً الشعب اليمني لليقظة وحماية معتقداتهم ودينهم من دعاة الفساد والكفر.
ورفض الزنداني تغيير اي دستور، مشيراً الى ان هناك تداعيات خطيرة لإلغاء إسلامية الدولة، منها ان الدستور القائم معروف، وقد جاء نتيجة حوار ومدارسات ومشاورات ولقاءات ثم استفتاء على ذلك، وهو الدستور الشرعي الذي يحكم بلادنا اليوم وليس هناك وثيقة شرعية غير هذا الدستور الآن، والذي أقره الشعب اليمني، واتهم أعضاء مؤتمر الحوار بالاحتيال بالقول "الإسلام دين الشعب اليمني".
وحذر الناس من الانخداع مما يقوله البعض من كلمة "المصدر الرئيسي" كما انخدع الناس بها في الفترة الانتقالية التي جاءت عقب الوحدة ولما وضعت ميزانية الدولة أمام مجلس النواب في ذلك الوقت فوجئ النواب بأن مصنع الخمر في صيرة له اعتماد أظن أنه يقارب ثلاثمائة مليون ريال فثار الكثير من النواب على هذا الأمر وقالوا: الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، فرد عليهم رئيس مجلس النواب في ذلك الوقت وقال لهم: نعم الدستور ينص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي ولكن هذا من المصادر الفرعية الأخرى، إذن هم يريدون الآن أن يجعلوا لله شركاء في الحكم ومصادر أخرى تحكمنا..
وفي اول ردة فعل دانت رئاسة مؤتمر الحوار الوطني التكفير والتحريض على أعضاء فريق بناء الدولة ودعت أعضاء المؤتمر الى عدم الانجرار وراء معارك جانبية تستهدف جر الحوار الى مربع اخر ووعدت برفع قضية على الشيخ الزنداني بتهمة التكفير والتحريض.
وأكدت أن الإسلام والهوية العربية والإسلامية للدولة والمجتمع ليستا قضية خلافية مطروحة للنقاش. واعتبرت رئاسة المؤتمر- تلك الهجمات تزييفا للوقائع وتصويرا للنقاشات التي حدثت في الفريق وكأنها بين من هو مع الدين وبين من هو ضده وهذا تصوير خاطئ لحقيقة النقاشات ومحاكمة للنوايا.
وفي سياق متصل عبّر مصدر في الأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني عن إدانته واستنكاره الشديدين لاستمرار مسلسل فتاوى التكفير ودعوات التحريض التي تكرس لثقافة القتل وتعزز الانقسام بين ابناء الوطن الواحد, وتشكل أداة قتل باسم الدين فيما الدين منها وممن يطلقونها براء.
وأكد المصدر أن فتاوى التكفير كانت السبب الرئيسي لاستباحة أرض الجنوب وشعبه بحرب صيف 1994, تجدد سمومها اليوم لتكون أداة للتأثير على أعمال مؤتمر الحوار الوطني والرموز الوطنية المشاركة فيه ومحاولة جره إلى معارك جانبية خارج إطار مهمته الرئيسة المتمثلة ببناء دولة العدالة والحرية والديمقراطية.
وقال المصدر: إن الحزب الاشتراكي اليمني وقياداته كانت وما زالت هدفا رئيسا لهذه الفتاوى, وما واقعة استشهاد الأمين العام المساعد الشهيد جار الله عمر في الــ28 من ديسمبر 2002, التي اعترف القاتل حينها بأن إقدامه على ارتكاب تلك الجريمة الشنعاء كانت بناء على فتوى دليل على ذلك.
ودعا المصدر كل القوى الوطنية خاصة المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني التنبه لمثل هذه الدعوات التحريضية والوقوف بحزم ومسؤولية ضدها أيا كان مصدرها ومهما تكن الشعبية الدينية لمطلقي تلك الفتاوى.
واستغرب المصدر انطلاق مثل هذه الفتاوى من داخل مؤتمر الحوار الامر الذي أتاح للقوى المتطرفة المتربصة به محاولة تعطيل أعماله وأن تعمل من خارجه بإصدار الفتاوى التكفيرية وتبني المواقف التحريضية ضد أعضائه.
وأوضح المصدر ان الدين ليس حكرا على شخص أو فئة حتى يستغله لمصالحه الضيقة، ولا أحد يستطيع ان يزايد على الشعب اليمني، وارتباطه بقيم الدين الحنيف.
وفي السياق ذاته عبر حزب الحق عن إدانته واستنكاره لحملات التكفير التي طالت فريق بناء الدولة بمؤتمر الحوار الوطني على خلفية نقاشاتهم وقراراتهم بشأن هوية الدولة، والتي لم يقف الفريق ضد الدين الإسلامي كمرجعية للتشريع كما روجت لذلك فتاوى التكفير المتوالية.
معتبرا تلك الفتاوى غير المسئولة محاولة بائسة لعرقلة مسار الحوار الوطني الشامل وتعطيله وإرهاب أعضاء المؤتمر لمن يخالف الرأي مرجعياتهم السياسية والتي تعجز عن مقارعة الحجة بالحجة والتوصل إلى توافقات وقرارات من شأنها أن تبني الدولة اليمنية المدنية الحديثة التي ينشدها أبناء الشعب اليمني المعتز بهويته الإسلامية والعربية.
وطالب حزب الحق من رئاسة مؤتمر الحوار بضرورة تحريك دعاوى قضائية ضد مصدري فتاوى التكفير, وتوفير الحماية لأعضاء فريق بناء الدولة, وعدم تجاهل هذه القضية.
عضو بناء الدولة أحمد المصعبي اكد بأن هناك تحديات تواجه الفريق خلال هذه الفترة ومن أهمها التخلص من التناقضات الدستورية على سبيل المثال لا يمكن المطالبة بدولة مدنية وديمقراطية وفي نفس الوقت الدعوة لدولة دينية، وقال: هذان مبدءان متعارضان. وأضاف المصعبي: لا توجد سوى ثلاث دول دينية بالعالم وهي إيران والسعودية وإسرائيل والأخيرة ليست ديمقراطية إذ أنها اقصائية وعنصرية وديمقراطية فقط لليهود وليس مواطني إسرائيل.
وفي رده على الزنداني اوضح الدكتور ياسين سعيد نعمان، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، "ضمن البيان الذي أصدره الشيخ عبدالمجيد الزنداني في صفحته على "فيسبوك" أمس الاول : "كنت أنا رئيس المجلس، والحقيقة أن الأمر لم يجر بهذا الشكل، ولم أقل أنا هذا الكلام، لسببين: الأول أن رئيس المجلس لم يكن معنيا ولا من اختصاصه الدفاع عن موازنة الحكومة، فالمعني هو رئيس الحكومة وحكومته. ثانيا: أن رئيس المجلس لم يكن يقود المجلس بالفتوى، وهذه فتوى، تتجاوز صلاحيات المجلس في حسم ما يعرض عليه من قضايا".
وبيّن الدكتور ياسين أنه: "بعد حرب 94 قالوا إن المصنع أحرق، لكن بعض الذين عندهم علم من الكتاب قالوا إن مكائن المصنع والمخزون الكبير من المنتج والمواد الخام لم تحرق، وإنما سلمت لأيادٍ آمنة، مثل أشياء كثيرة أخرى جرى تسليمها لمثل هذه الأيادي الآمنة".
التطرف الديني كان حاضراً داخل مؤتمر الحوار الوطني ايضاً حيث اعتدى عضوان في مؤتمر الحوار الوطني على وفاء عبدالفتاح إسماعيل، النائبة الأولى لرئيس فريق الحقوق والحريات في المؤتمر، خلال جلسة عاصفة للفريق، وعلى خلفية اعتراض العضوين على بند في تقرير الفريق، ودفاعا عن الشيخ "عبدالمجيد الزنداني"، حسب ادعائهما.
واعتدى ممثل حزب "الرشاد" السلفي، عبدالحميد الحارثي، على المحامية وفاء، بعد أن حاولت إقناعه بالهدوء خلال انفعاله واعتراضه على عدم موافقة فريق الحقوق والحريات على إلحاق "أمهات المؤمنين" بالبند الخاص في تقرير الفريق بشأن عدم الإساءة للرسول (ص).
ويصر حزب الرشاد وممثلو الإصلاح على إلحاق "أمهات المؤمنين" بالبند، رغم أن مقترحهم لم يحصل على موافقة بقية أعضاء الفريق الذين زكوا البند بدون هذه الإضافة؛ بأغلبية.
ولجأ أعضاء من "الرشاد" و"الإصلاح"، إلى التصعيد، خلال جلسة الفريق، أمس الأول الأحد، بينما كانت وفاء إسماعيل ترأس الجلسة، وبينما كانت تحاول تهدئة عضو حزب الرشاد، قامت ممثلة أخرى لحزب "الإصلاح"، هي إلهام نجيب فارع، بسحب وفاء من يديها، فيما قام عضو "الرشاد" بدفعها من الخلف أكثر من مرة.
وتم تبادل الشتائم خلال ذلك بين ممثلي الإصلاح والرشاد من جهة، وبقية أعضاء الفريق من الجهة المقابلة، وانفعل عضو الرشاد الحارثي حين علق العضو أحمد الزوقري، على البيان الذي أصدره الشيخ الزنداني، ضد من يتبنون نص "الإسلام دين الشعب"، بدلا عن "دين الدولة".
ورد الحارثي مخاطبا الزوقري: "الزنداني أبوك وأبو الأمة"، فرد الزوقري بدوره: "الزنداني أبوك أنت، أما نحن فنعتبره السبب في حرب 94".
وتصاعد الصخب، وادعى ممثلو الإصلاح والسلفيين أن بعض الأعضاء "شتموا الزنداني"، وانفجرت إحدى ممثلات حزب الإصلاح بالبكاء رداً على هذه الشتيمة.
وفي اليوم التالي (أمس الاول الاثنين)، تقدمت وفاء عبدالفتاح إسماعيل بشكوى رسمية إلى لجنة الانضباط والمعايير، ضد العضوين الحارثي وفارع، واعتدائهما عليها.
وقالت إسماعيل، إنها عادت بعد الاعتداء إلى بيتها، منهكة الجسد، وأوضحت أن الاعتداء جاء بعد محاولات الحارثي بشكل غير مبرر، إلقاء خطبة خلال الجلسة، مع أن الفريق كان قد سجل تحفظه (الحارثي) على النقطة محل الخلاف.
وأشارت إلى أن النقطة محل الخلاف سبق أن تم التصويت عليها قبل 3 أيام، ولا يجوز إعادة النقاش حولها، معتبرة أن ممثلي "الإصلاح" و"الرشاد" جاؤوا إلى الجلسة متوترين، مرجحة أن ذلك قد يكون بفعل البيان التصعيدي الذي أصدره الزنداني، في اليوم السابق.