أربع قوى تشحذ سيوفها وخناجرها لذبح اليمن
لم تكن زيارة مجلس الأمن الدولي لليمن نهاية يناير الماضي لمتابعة سير التسوية السياسية فحسب، وإنما رتب لها الرئيس هادي خلال الجولة الخارجية التي أجراها وشملت الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا وكندا وبريطانيامع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في لقاء مغلق وسري استمر لساعات، استثنى منه كافة أعضاء الوفد اليمني المرافق لهادي، بمن فيهم وزير الخارجية اليمني، وكرس لترتيب أوراق الجنوب، بحسب مصادر دبلوماسية.
وبحسب المصادر فقد تم الاتفاق بين هادي ورئيس الوزراء البريطاني على أن تتم زيارة مجلس الأمن لليمن خلال فترة تسلم بريطانيا الرئاسة الدورية لمجلس الأمن ، بما يمكنها من لعب دور محوري في الملف اليمني خصوصا فيما يتعلق بالجنوب.
وتركزت مباحثات خاصة أجراها الرئيس هادي مع رئيس مجلس الأمن الدولي الحالي (مندوب بريطانيا الدائم لدى مجلس الأمن) في لقاء مغلق عقد بدار الرئاسة اليمنية، على القضية الجنوبية بدرجة أساس.
وفي وقت سابق كان رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني (SIS)، قد زار اليمن بدعوة من الرئيس هادي وهدفت الزيارة, بحسب مصادر سياسية, لترتيب أوراق الجنوب.
وكان مسئول بريطاني رفيع قال في تصريح مثير للجدل أن بريطانيا تنتظر الفرصة المواتية لرد الصاع بصاعين لليمن، في إشارة إلى الثورة اليمنية التي انتهت بجلاء المستعمر البريطاني من جنوب البلاد.
وراجت أنباء عن تحالف جديد يقوده هادي بمساندة بريطانية يتم بناؤه خلف الكواليس ويضم رؤساء جنوبيون سابقين لليمن، والجماعة الحوثية، وإيران، جميعهم سيكونون في صف واحد للدفع بنتائج مؤتمر الحوار لتصب في خانة منح الجنوب حكم ذاتي في إطار نظام حكم (كون فدرالي تمهيدا لتقرير المصير.
وأشارت بعض المعلومات إلى أنه وعلى هذا الأساس نشأ تحالف بين تيار الزعيم الجنوبي علي سالم البيض، وبين تيار الرئيس هادي على أن تنضم إلى هذا المركز زعامات وتيارات وحركات سياسية أخرى، وعلى رأسها الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد والحركة الحوثية في شمال الشمال.
وتؤكد مصادر سياسية يمنية إن الرئيس هادي خاض نقاشات وتفاوض مع زعيم جماعة الحوثي بهدف ضم الجماعة إلى تحالفه، بالتزامن مع معلومات تؤكد أنه شخصيا من خلق حالة التقارب الموجودة حاليا بين الجماعة الحوثية في شمال الشمال وفصائل الحراك الانفصالي في الجنوب.
وترى الحكومة البريطانية في وصول هادي إلى رئاسة اليمن فرصتها الذهبية لإحياء مشروع يستهدف عدن بعد أن أجهضته ثورة أكتوبر في ستينيات القرن الماضي، حيث تصف تقارير السفارة البريطانية الرئيس هادي بـالـ"boy" والتي تعني الصبي المستعد لتنفيذ أي مهام توكل إليه.
وتربط هادي بالبريطانيين علاقة قديمة، إذ حصل على منحة دراسية في غضون الاستعمار البريطاني لعدن، إلى الأكاديمية الملكية العسكرية البريطانية مع آخرين عسكريين ومدنيين، في ذروة التخصيب لـ"العملاء" في جنوب اليمن وصناعة الرؤس لخدمة المشروع البريطاني في المستقبل.
ومنذ أن وصل الرئيس هادي إلى الحكم يلعب السفير البريطاني في صنعاء تأثير كبير في اتخاذ القرار الرئاسي يفوق تأثيرات سفير الولايات المتحدة الأمريكية، حيث نقل عن سفير بريطانيا لدى اليمن قوله لدبلوماسيين عرب وأجانب أن هادي يأخذ برأيه بدرجة رئيسية، في كل الخطوات التي يتخذها، وفي الوقت عينه أعرب عن ارتياحه الشديد وارتياح بلاده من الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي .
وسبق وأشاد هادي بالدور الذي تلعبه بريطانيا من أجل الخروج من الأزمة اليمنية، لدى استقباله سفير المملكة المتحدة نيكولاس هوبتون ونائبته فيونا جيب، عقب تفويض الرئيس السابق له بصلاحياته الرئاسية، ووصف الدور البريطاني بأنه بناء ويصب في مصلحة الشعب اليمني.
وارتفعت وتيرة المخاوف من تحوّل مؤتمر الحوار الوطني المزمع انطلاقه في مارس المقبل إلى معبر لإقرار انفصال الجنوب عن الشمال، في أعقاب إقرار هادي التواصل شخصيا مع قادة الحراك الجنوبي في الخارج كونه الأكثر معرفة بهم.
ويقول محللون إن الحوار الوطني لن يكن أكثر من مظلة للتسليم بوجود شطرين في البلاد، لافتين إلى أنّه وحال رفض الجنوبيين البقاء في إطار دولة الوحدة، فإنّ لا أحد سيكون في مقدوره اتخاذ قرار مخالف.
ولا يستبعد مراقبون إمكانية تحويل مؤتمر الحوار إلى جلسة مفاوضات لفك الارتباط مع الشمال مع إظهار قادة الجنوب المزيد من التصلّب ورفض الدخول فيه بالصيغة الراهنة للدولة اليمنية.
وارتفعت وتيرة الاتهامات للرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي بالعمل على تقسيم اليمن في ظل تحركات يجريها خارج مضامين المبادرة الخليجية بغية حرف مؤتمر الحوار عن مساره الصحيح إلى اتجاه آخر يخدم قوى الانفصال وأهدافها المرحلية.
وتشير التوجهات المعلنة لجماعة الحوثيين والحراك الانفصالي وبينهما هادي وطهران، أن الطرفين قد يشكلان تحالفا موحدا، مقابل إخضاع صعدة لسيطرة الحوثي ومنحها سلطة ذاتية، للتمويه عن تحركات لمنح الجنوب سلطة ذاتية كما يخطط له هادي.
وكان الرئيس هادي حاول التقرب من الحوثيين عبر رسائل عديدة من بينها تسليم رفاة مؤسس الحركة الحوثية الذي لقي مصرعه في خضم حرب صعدة، للتأكيد على رغبته في إقامة تحالف مع الجماعة.
ونجح الرئيس اليمني في كل تحركاته المرتبطة بأهداف مرحلية، ووصل إلى حد التماهي مع مشروع بريطاني يراد إحياءه في الجنوب، فيما أصبحت تحركاته مثار تندر واستغراب لقطاع واسع من المحللين، بسبب مساعي لبناء تحالفات تنذر بانعكاسات سلبية.
وتعرض الرئيس هادي المولود في محافظة أبين الجنوبية لانتقادات كثيرة على خلفية نهج سياسي يصفه كثيرون بالمناطقي والمحكوم بخلفية الصراع، لكنه يتجاهل أي اعتراض على اللعب بالأوراق الخطرة، وطريقة إدارته للملفات الشائكة والحساسة، وفي ذات الوقت يكرس نهج سياسي محكوم بأجندة مرحلية، مستغلا الدعم الخارجي والغطاء الدولي الممنوح له مقابل تمرير أهداف سياسية لأطراف دولية فاعلة.
و استغل الرئيس هادي انشغال الفرقاء المحليين بتصفية بعضهم، لتحريك ملفات حساسة ولبناء شبكة تحالفات غير منظورة.
ومقابل تقوية حضور أبين في قيادة الجيش في الشمال ، يعزز الرئيس اليمني حضوره في الجنوب بعناصر القوة المطلوبة من المليشيات القبلية والسلاح من مخازن الجيش.