سوريا.. امتحانات في ظل الحرب والموت
تستهلك أم سامر في جلوسها على النافذة المطلة على أحد شوارع العاصمة السورية دمشق، وهي تنتظر عودة ابنها من امتحان الجامعة، كل الأدعية التي حفظتها عن أمها وعن جدتها أيضا، كما تقرأ كل ما تيسر لها من آيات قرآنية حتى يطل ابنها أسفل المنزل.
أم سامر والدة أحد طلبة جامعة دمشق، وحالها من حال أغلب أمهات طلاب الجامعات السورية الذين توجهوا لأداء امتحاناتهم اليوم وحتى أواخر الشهر الحالي.
تقول أم سامر، 51 عاما، لموقع سكاي نيوز عربية "في الماضي كان الامتحان أمرا عاديا.. فمن يدرس يتجاوز الامتحان ومن لا يفعل يرسب.. امتحان اليوم مختلف فهو مسألة حياة أو موت".
تضيف أم سامر وهي أم لـ4 أبناء، "استشهد ابن جيراننا وهو في جامعته.. كان في كليته.. كلية الهندسة.. سقطت القذيفة مكان وجوده.. القذيفة تطال الكل.. الله لا يوفقهم".
وتشير أم سامر بذلك إلى حادثة سقوط 7 قذائف هاون على كلية العمارة في منطقة البرامكة وسط العاصمة دمشق، ما أدى إلى مقتل 17 طالبا وجرح العشرات.
وطلبت أم سامر من ابنها معاذ، وهو طالب في كلية الآداب، أن لايذهب إلى الامتحان، إلا أنه أصر على ذلك قائلا إنه "لن يسمح لأصدقائه بأن يتجاوزوه دراسيا بسبب خوفها عليه".
لا تمنع حالة الحرب القائمة في البلاد أغلب الطلاب من قصد مدارسهم وجامعاتهم، وإن فعلوا فإنهم لن يتغيبوا عن الامتحانات النهائية التي "تؤسس لهم مستقبلهم" على حد وصف بعضهم.
نغم، طالبة فنون سنة رابعة، لا تمنعها الحواجز الأمنية أو العسكرية التابعة للجيش السوري أو للجيش الحر أو لكتائب المعارضة من الذهاب إلى جامعتها للعمل عل مشاريع سنتها الدراسية المطلوبة منها.
تقطن نغم ابنة الـ 24 عاما، في إحدى ضواحي العاصمة التي تشهد اشتباكات قوية بين طرفي النزاع، وأحيانا تمر على عدة حواجز تفتيش قد ترغمها على الانتظار من نصف ساعة إلى ساعة وأكثر.
وعن ذلك تقول "أخاف من الانتظار على الحواجز لأنها مستهدفة دائما من قبل الطرف الآخر.. ودائما يكون هناك مدنيين وقد أكون واحدة منهم".
وتقول نغم لموقعنا "لم أتغيب يوما عن الدوام العملي، فهذا يؤثر على ترتيبي النهائي.. أنا وكل أصدقائي في الكلية نشجع بعضنا بعضا ونحن عازمون على التخرج من كليتنا.. فلا نساوي شيئا بدون الشهادة الجامعية".
وبدأ الامتحان في عدة جامعات في البلاد، من بينها جامعتا دمشق وحلب مطلع يونيو الحالي، وبث أحد سكان مدينة حلب صورة تظهر ما قال إنهم أهالي طلاب أمام جامعة المدينة بانتظار أبنائهم الذين يمتحنون في داخلها.
وقال الطالب الجامعي أحمد، من مدنية حلب، "كنت قلقا من الذهاب إلى الجامعة، خاصة بعد التفجيرات التي وقعت في الامتحان النصفي بداية العام الحالي والتي قتل فيها العشرات من أصدقائي.. إلا أن المستقبل لا ينتظر أحدا.. يجب أن نكون أقوى من الحرب".
وقتل 82 طالبا في هجوم استهدف جامعة حلب منتصف يناير، وتبادل طرفا الصراع في سوريا إلقاء المسؤولية على الآخر في تنفيذه، فبينما قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن الهجوم نجم عن قصف نفذته قوات حكومية على الجامعة، بينما ذكر التلفزيون السوري أن تفجيرا "إرهابيا" استهدف المكان.