شركة عدن للأمن والسلامة

  

تقارير
اقرا ايضا

هذا "بعض" ما يحدث في بنك التسليف غابت صحوة الضمير والنزاهة فانتقلت عدوى الفساد من الإدارة القديمة إلى القيادة الجديدة

عدن اليوم/خاص/صنعاء /مصطفى حليس | السبت 11 مايو 2013 09:24 مساءً

في جولة غير بعيدة عن مبنى "كاك بنك" تبيع غزال مناديلها الورقية طوال ساعات النهار وحتى وقت متأخر من الليل لسائقي السيارات , ويسابقها سعيد لعرض بضاعته ومحاولة بيعها مغرياً الزبون بأن مياهه باردة ومثلجة, أما نادر فقد صار خبيراً باستدرار نقود ملاك السيارات بمسحه لنوافذ وزجاجات السيارات الأمامية..

غزال وسعيد ونادر  لم تتجاوز أعمارهم ال12 ربيعاً . لا يذهبون المدرسة لأن كل منهم يعيل أسرة فقدت معيلها أو أقعد جراء إعاقة دائمة..لكن غزال وسعيد ونادر ليسوا كل ممتهني الجولة فثمة العشرات من "البؤساء"  على شاكلتهم وإن بلغ عمر بعضهم الستين عاماً وكلهم قذفت بهم الحاجة إلى الأرصفة والجولات لتلبية ضروريات حياة أسرهم.هؤلاء البؤساء تمر سيارات موظفي "كاك بنك" الفارهة بجوارهم , لكنهم لا يعلمون أن جل تلك السيارات ذات الموديلات الحديثة والماركات الرفيعة الطراز من أموال الشعب الذي هم جزء منه وأن الدستور وكل القوانين ساوت بينهم وبين ملاك تلك السيارات في الحقوق والواجبات..

ولعل من نافل القول الإشارة إلى أن أكثر من نصف اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر وهي كارثة استدعت كل شعوب العالم لأن تعطف علينا وتنظر لنا بعين الشفقة لكن بني جلدتنا يصرون على إفقارنا وتجويعنا  وسلب حياة الكثير منا..فثمة مجموعة ما تزال تواصل مسلسل الفساد والإفساد إلى يومنا هذا رغم الثورة التي قامت مستغلة انشغال قيادة الدولة والحكومة بالعملية السياسية والمرحلة التوافقية.يهدرون المال العام ويستبيحونه بطريقة قذرة,متجاهلين حقيقة أن هذا المال هو ملك الشعب الذي هو اليوم بأمس الحاجة لكل ريال منه.

تضليل القيادة الجديدة

في بنك التسليف التعاوني الزراعي فساد بالجملة يقف وراءه كبار الموظفين في إدارة البنك.فقد تلقت(حشد نت) معلومات ووثائق من مصدر موثوق تؤكد بأن مظاهر الفساد المستشري داخل البنك والذي استدعى بتغيير القيادة السابقة للبنك وتعيين رئيساً جديداً للبنك كأساس للتغيير الشامل. لم يؤدي الغرض لوجود مجموعة من كبار الموظفين في البنك تحاول دائماً الالتفاف والتضليل على القيادة الجديدة وإعاقة كل محاولة لتصحيح الأوضاع مستخدمة العديد من الأساليب والطرق منها على سبيل المثال تشكيل طوقاً عازلاً بين رئيس مجلس الإدارة المعين وباقي الموظفين والقيام بصورة مخالفة للقوانين واللوائح بتقديم تسهيلات وامتيازات عديدة وفورية للرئيس الجديد عقب توليه لهذا المنصب سنأتي على ذكر البعض منها في ثنايا هذا الموضوع.

معروف أنه بعد إقالة رئيس مجلس الإدارة السابق حافظ معياد تم تباعاً تعيين رئيسين جديدين للبنك في فترة قصيرة. الأول وهو محضار السقاف لم يستمر في المنصب طويلاً حيث استطاع القائمون على قيادة البنك التأثير عليه بعزله عن باقي الموظفين وإغراقه بالامتيازات والإغراءات المختلفة كراتب شهري خيالي ومكافأة شهرية تتجاوز السقف المسموح به وتسليمه سيارتين أحداهما بقيمة ثمانين ألف دولار  وتأثيث منزله الخاص وتزويده بمولد كهربائي قيمته أربعة ملايين ريال وسفريات متواصلة إلى الخارج ببدل سفر خيالي.

وبعد إقالته من منصب رئيس مجلس الإدارة وتكليف الأخ منصر القعيطي رئيساً لمجلس الإدارة مارست المجموعة ذاتها نفس الأساليب السابقة معه حيث أصبح أسيراً لهذه المجموعة الفاسدة تسيره أينما وكيفما تشاء، وتلهيه عن قضايا الفساد المطروحة أمامه والتي يجب أن يوليها الاهتمام الأكبر في البحث والتدقيق وإحالة متسببيها إلى جهات الاختصاص والنيابة العامة..من هذه القضايا على سبيل المثال وليس الحصر:

- قضية كاك جيبوتي (الدولي).

- المنح المخالفة للقروض والتسهيلات والمرتكزة على معايير الوساطة والمحسوبية مما أدى إلى تكوين حافظة متعثرة للبنك تقدر بــــ«سبعة مليارات ريال».

- ضياع أموال ضخمة للبنك تم التحايل عليها من قبل المجموعة المهيمنة على البنك وشطبها من الحافظة منها 2.5 مليار ريال مديونية الغزل والنسيج، 2.5 مليار ريال مشروع الصالح 2.5مليون دولار المخصصة للهيكل التنظيمي "الفاشل" للبنك والذي بني عليه تقاسم المناصب وهيكل للأجور فصل بمقاييس ومواصفات مطابقة لأصحاب هذه المناصب وأدى إلى وجود تضخم في الهيكل والأجور، وهوة واسعة في الراتب بين الموظفين ذوي المؤهلات والخبرة وبين من صعدهم التشكيل الإداري وفق الهيكل المزعوم إلى مناصب قيادية بدون مؤهلات أو أية خبرة في مجال العمل البنكي.

مما ترتب على ذلك اتساع نطاق الفساد والاختلاسات في معظم فروع البنك ناهيك عن المنح للقروض بدون ضمانات منها -على سبيل المثال وليس الحصر- تعثر مليارات بفرع صنعاء ومليارات بفرع حدة، ومليارات بفرع 22 مايو، ومليارات بفرع الزبيري و 37 مليوناً بفرع تعز، و30 مليوناً فرع المخا، وتعثر مليارات بفرع المكلا وتسهيل الاستيلاء على المال العام في فرع عدن بالاشتراك مع الإدارة العامة بصنعاء....الخ.

سفريات ورشاوى بالقانون

رغم أن تحول كاك بنك في الفترة السابقة من الأعمال التنموية والزراعية إلى الأعمال المصرفية والتجارية يعتبر مخالفة للقانون إلاّ انه مع ذلك لم يمارس الأعمال التجارية وفق الأصول والأعراف البنكية المتعارف عليها،انظر حكم المحكمة التجارية رقم 1264 كمثال بسيط على ذلك حيث تلزم المحكمة البنك دفع اكثر من 69 مليون ريال للمدعي لكونه أي البنك اجاز سحبه هذا المبلغ بخلاف الشرط المقرن بفتح الحساب والذي يشترط توقيع الشريكين . وهناك أمثله عدة تبين ان هناك شلة متنفذة وجدت وزرعت في هذا المرفق العام لخدمة مصالح خاصة وإثراء طبقة طفيلية مقربة منها  أي من المجموعة المتنفذة الحاكمة للبنك.

وهذه المجموعة للأسف لم تتعض من درس الماضي وتعلن توبتها، بل ما تزال تواصل مسلسل الفساد والإفساد إلى يومنا هذا مستغلة انشغال قيادة الدولة والحكومة بالعملية السياسية والانتقال السلمي للسلطة، حيث تمارس هذه المجموعة -كما سبق الإشارة- شتى الوسائل لإفساد القيادات الجديدة المعينة،وجعلها أداة طيعة بيدها،ويظل العبث بالمال العام قائم فمثلاً منصر القعيطي رئيس مجلس الإدارة الذي حل محل محضار السقاف تم استئجار فلة له بحدة بألفين دولار شهرياً على حساب البنك، وشراء مولد كهربائي للفله بقيمة ثلاثة ملايين ريال وأثاث بمبلغ خمسة ملايين ريال، يحصل هذا في ظل راتب شهري منح له مع الحافز يتجاوز الثلاثة ملايين ريال شهرياً.

كما صرفت له في سفرية إلى مصر بدل سفر يعادل أربعة ملايين ريال وبدل سفر إلى الأردن لمدة عشرة أيام مبلغ ثلاثة ملايين وستمائة ألف ريال!!وآخر سفرية له - عند كتابة هذا الموضوع - تشمل البحرين والمغرب ويعلم الله كم سيكون بدل السفر؟!

مكافآت من مال الشعب

ومما لا يتفق مع المنطق ويؤكد أن هناك مبالغة كبيرة في الصرفيات وتعمد في الإثراء غير المشروع من المال العام بغير وجه حق،أو استشعار بالمسؤولية بأن هذا المال هو ملك الشعب وهو اليوم بأمس الحاجة لكل ريال منه، قيام المجموعة ذاتها- التي مازالت تشغل مناصب هامة في البنك ولم تتحرر من عقلية الفساد والإفساد - برفع كل حين كشف مكافآت يتضمن أسماؤها واسم رئيس مجلس الإدارة وأبنه المعين منذ عام فقط سكرتيراً في البنك وطبقاً للمثل القائل "شر البلية ما يضحك" نجد أن معظم هذه المكافآت ليس لها أية صفة قانونية وتقدر بالملايين مثلاً احد عملاء البنك سدد ما عليه من قرض للبنك بصورة طبيعية أي بمحض إرادته ووفقاً للإجراءات القانونية المعمول بها في نظام القروض المطبقة في البنك ومع ذلك تتجرأ تلك الجماعة دون حياء برفع كشف مكافآت نصيب رئيس مجلس الإدارة في هذا الكشف بلغ مليون ومائتين ألف ريال، وابنه السكرتير ستمائة ألف ريال! مقابل ماذا؟؟!

 والسؤال الذي يفرض نفسه هنا ما رأي البنك اليمني المركزي باعتباره الجهة الرقابية على أداء جميع البنوك؟ وهل قوانين البنوك تجيز عند سداد العملاء القروض منح كبار الموظفين مكافآت!!.

رواتب بالملايين واختلاسات كارثية

كذلك من المخالفات التي مازالت ترتكب منح راتب شهري لأشخاص من خارج البنك ولا يمارسون أي دور على سبيل المثال ما يزال في قائمة المستشارين التي تم إلغاؤها شخصان يتسلم كل واحد منهما خمسمائة ألف ريال راتب شهري حتى اليوم.والسؤال لماذا تم استثنائهما ألا يفترض ان القانون يسرى على الجميع؟؟!

 أيضا نورد مثال آخر يدل على استمرار ممارسة الفساد بطرق مختلفة مثل مساهمة البنك في دعم حملة النظافة الأخيرة بأمانة العاصمة بمبلغ ستة ملايين ريال بينما في الواقع تم شراء أدوات نظافة "مكانس" بمبلغ لا يتجاوز ثلاثمائة ألف ريال فقط . اين ذهب بقية المبلغ؟!!

ومما يلفت الانتباه أيضاً وضع الأخ محضار السقاف رئيس مجلس الإدارة السابق والذي ما يزال حتى اليوم محتفظاً بالسيارتين اللتين صرفتا له كعهد. حيث يشغل حالياً منصب عضو مجلس إدارة البنك "عضو مستقل" ويعتبر ذلك مخالفاً لقانون إنشاء البنك الذي حدد الأعضاء المستقلين بالأسماء والصفات وكذلك مخالفاً لقرار إقالته من منصبه.

 وما يدعو للغرابة أكثر ومدى الجرأة والاستهتار بالنظم والتحايل على القوانين في إدارة أعمال البنك ان الرئيس الجديد لمجلس الإدارة  القعيطي يبعث بمذكرة للتأمينات يطلب منهم منح رئيس مجلس الإدارة السابق السقاف راتباً تقاعدياً، ويؤكد في المذكرة بأن المذكور لا يتقاضى أي راتب مقابل مهمته كعضو مجلس إدارة بينما الصحيح ان راتبه الذي كان يتسلمه كرئيس لمجلس الإدارة  ويقدر بـــ «مليون وأربعمائة ألف ريال»، مازال قائماً حتى تاريخ صياغة المذكرة الموجهة للتأمينات  واسمه ما يزال ضمن كشف الراتب لشهر مارس 2013م .

تعيينات خارج القانون

ومن ضمن المخالفات المتعددة التي تؤخذ على الرئيس الحالي لمجلس الإدارة وتؤكد وقوعه تحت سيطرة اللوبي الموجود في البنك قيامه مؤخراً بإصدار قرار بتعيين رئيساً تنفيذياً للبنك تم اختياره من داخل الهرم القيادي المتحكم بالبنك والمصيبة الأكبر أن مثل هذا المنصب لا يحق لأحد أن يعين فيه إلا بقرار جمهوري لكونه من المناصب العليا، ويقال أن إصدار رئيس مجلس الإدارة قراراً كهذا وبالمخالفة للقانون يعود إلى إشاعة - تتردد خلف الكواليس - بأن هناك مقترحاً يتم تدارسه على مستوى عالٍ يقضي بتعيين رئيساً تنفيذياً للبنك يمتلك صلاحيات واسعة لمعالجة الاختلالات المالية والإدارية القائمة فيه والتي عجز عن إصلاحها رئيسا مجلس الإدارة المعينين تباعاً لهذا الغرض دون فائدة تذكر أو أمل يرجى!؟.

فكان لابد من تعيين استباقي  لواحد من الجماعة ذاتها يضمن استمرار نفوذ وسيطرة تلك القوى المهيمنة على هذا المرفق المالي والاقتصادي والحيوي والهام.

في الأخير ما ذكر في سياق هذا الموضوع ما هو إلا جزء يسير جداً مما يدور من عبث وتلاعب بالمال العام في دهاليز بنك التسليف التعاوني الزراعي التابع للدولة وما خفي كان أعظم . فكفى تفريط وإهدار للمال العام وآن الأوان لفرض النظام والقانون وتطبيق مفاهيم النزاهة والشفافية والمحاسبة والمساءلة لعل هؤلاء ومن هم على شاكلتهم يعودوا إلى جادة الصواب ويقلعوا عن تلك الممارسات المعيقة لأهداف التنمية ،والتي دفع  الوطن وأبنائه طيلة العقود الماضية ثمنها الشيء الكثير من قوتهم وتطلعاتهم لحياة كريمة ومستقرة.. وآن الأوان اليوم لقيام يمن خال من الفساد والمفسدين  والله المستعان.