استياء شعبي واسع لتحول شوارع العاصمة الاقتصادية الى مقالب للقمامة وبحيرات للمجاري
وحدهما الاستغراب والدهشة يصطحبانك أثناء تجولك في مدينة عدن العاصمة الاقتصادية نتيجة تنافس أكوام القمامة في شوارعها المهمة والأحياء السكنية وكذا طفح المجاري التي تشكل بحيرات صغيرة في بعض الشوارع في ظل عجز السلطة المحلية بالمحافظة عن وضع حد لتدهور أوضاع المحافظة لاسيما نظافتها التي ظهرت المحافظة بانعدامه بشكل مزر . الأمر ولّد سخطاً عارماً لدى المواطنين ومخاوف تزداد يوما بعد يوم من انتشار الأوبئة والأمراض وينذر بحدوث كارثة صحية .
علاقة النظافة نتيجة سوء النظام
يقول المواطن علي سالم "انعدام النظافة في عدن يمثل سوء النظام في إدارته للمحافظة ،وعدم قدرته على إثبات وجوده ولو بالجانب الخدماتي ،ويعطي صورة مصغرة لفساد النظام وفشله ؛حيث أن الحكم الرشيد والنظام الناجح تنعكس صورته على شوارع ومدن عدن .
ويضيف المواطن علي سالم : لقد أصبحت المدينة موبوءة بمياه المجاري وأكوام القمامة ،ولا يكاد يخلو منهما شارع أو حي ،وكذا طفح المجاري التي تمتد لأمتار طويلة وأصبحت أشبة ببحيرات كما أن المارين في الأزقه لا يستطيعون التنقل بين حي وآخر .
ويتهم علي سالم السلطة المحلية بتشويه وجه عدن الحضاري والمدني وبأنها تسببت في انتشار أمراض كثيرة في أوساط سكان عدن ،وبفرض عقاب جماعي على السكان قد يؤدي إلى الوفاه –حسب قوله.
مظاهر قطع الطرقات مشكلة أخرى
لغياب الدولة والشعور بظلمهم يلجأ بعض المواطنين إلى أساليب يعتبرها الكثير غير حضارية وتتمثل بقطع الطرقات بأحجار الأرصفة وإحراق الإطارات وسط الشوارع الرئيسة والفرعية لمنع مرور المركبات وتنقلها بين مدن المحافظة للضغط حتى الاستجابة لمطالب معينة يريدون تنفيذها كالإفراج عن سجناء أو محاسبة متنفذين أو انقطاع التيار الكهربائي ,كل هذا يسبب حالة فوضى وتذمر والتي قد تصل في بعض الأحيان لعرقلة إيصال المرضى إلى المستشفيات وتشويه منظر جمال محافظة عدن ،كما يتضرر من أدخنة الإطارات سكان الأحياء المجاورة لاسيما من يعانون أمراض "ضيق التنفس".
إحراق مقالب القمامة في الشوارع كارثة يتكبدها المواطنون
يتذكر المواطن صادق محمد عبدة مشهد إحراق أكوام كبيرة من القمامة بجوار منزله نتيجة تراكمها ،وعدم أخذها من قبل عمال النظافة إلى مواقعها ويقول صادق : إن سحابة من الدخان وصلت إلى المنازل وسببت هلعاً كبيراً نتيجة لخطورة أضرارها مما اضطر المواطنين إلى المشاركة في إخماد نيران الإطارات المحترقة.
وأضاف صادق : إن عمال النظافة نفذوا إضراباً شاملاً قبل بضعة أسابيع نتيجة عدم تثبيتهم مما تكدست القمامة في وسط حيهم الواقع في منطقة السيلة بالشيخ عثمان مما اضطرا احد سكان الحي لحرقها لكنها سببت مشكلة أخرى وهي "ألدخان " الذي أخمد مصدره بجهود شخصية.
أما محمد الأثوري صاحب بقاله بمدينة المنصورة فيقول : إنه يضطر إلى إغلاق بقالتة عند إحراق مقلب القمامة المجاور له نتيجة الأدخنة التي تتصاعد منه ,واعتبرها كارثة بيئية واقتصادية تشمل كل المواطنين دون استثناء .
وطالب الأثوري الجهات المسئولة اوضع معالجات سريعة لهذه الظاهرة لكون عدن عاصمة اقتصادية يجب أن تظهر أمام مواطنيها والزوار بصورة نظيفة.
مظاهر إنسانية من وسط أكوام القمامة.
يتذمر الكثير من المواطنين من مقالب القمامة لكونها مصدراً للأمراض ،وهي عبارة عن مخلفات وبقاؤها يسبب كارثة بيئية وأمراضاً مزمنة تحصد أرواح العديد من المواطنين.
غير ان مشاهد مؤلمة أثناء تجوالنا في بعض شوارع المعلا ارتسمت في ذاكرتنا ورصدتها كامرتنا ضحيتها أسر يحدق بها الفقر ولاسبيل لسد رمق جوعهم للوجبات الثلاث سوى مقالب القمامة التي يقصدها الفقراء لغرض البحث عن فتات الطعام لأكلها هروبا من الموت غير مبالين بالأمراض .
لفت انتباهنا مشهد مسنة قد نال الشيب قصداً كبيراً من جسمها النحيل أثناء ما كانت تقوم بتجميع بعض الأطعمة غير المكشوفة في "كيس" آخر لكي تذهب به إلى أفراد أسرتها الذين ينتظرون بلهفة ما تجمعه لهم هذه المسنه ليتقاسموه وليكون شاهداً على مدى قسوة حياتهم وظروف معيشتهم .
عند اقترابنا منها في الشارع الدائري بالمعلا شعرت "المسنة " بشيء من الإحراج وبدأت ترفع رأسها صوبنا بحذر بعد أن التقطنا لها صورة عن بعد ,حاولنا الحديث معها غير انها نظرت إلينا بتعجب وتمعن واغرورقت عيناها بالدموع ،والتجاعيد تملأ وجهها الشاحب وكأن حالها يقول " اتركوني أجمع فتاتاً يسد به بعض جوعي لأبقى على قيد الحياة " فتركتها وغادرت المكان وتبادر إلى ذهني في تلك اللحظة قول الإمام علي "لو كان الفقر رجلا لقتلته".
لم يمض علينا قليل من الوقت على مغادرتنا لموقع "المسنة" لنصطدم بمشهد آخر من مشاهد البؤس التي يعيشها الكثير من البؤساء بعيدا عن أنظار المسئولين والحكومة والمنظمات الإنسانية حيث وجدنا هذه المرة طفلين يتقاسمان ماتبقى من فضلات الأثرياء والميسورين كانت موضوعة في"علبة صغيرة للقمامة" وكأنها غنيمة في نظر طفولتهم المذبوحة.
مواطن : القمامة بحرم المدارس
قال المواطن علي سالم إن القمامة في حرم المدارس ظاهره سيئة تؤدي إلى إصابة فلذات أكبادنا بالأمراض ،فمسؤولية إزالة القمامة من على بوابة المدارس حلقة مرتبطة بين أبناء المنطقة أنفسهم وصحة البيئة والإدارات المدرسية , وهو عمل يتطلب التدارك ووضع براميل القمامة بعيدا عن بوابة المدارس ،فالوقاية خير من العلاج.
مسئول النظافة يحذر من كارثة بيئية ويطالب مساعدتة للحد منها
حذر قائد راشد المدير التنفيذي لصندوق النظافة في عدن من كارثة بيئية نتيجة العصيان المدني ،وتزايد مخلفات المحافظة التي تصل بشكل يومي الى "375"طن – حسب قوله.
وقال الحاج قائد راشد في تصريح "للإعلامي" : بدأنا نعمل على معالجة القضايا المتعلقة بأمور العاملين ،وفتحنا عيادة تطبيب بمدينة دار سعد وقمنا بتثبيت "1773 " متعاقداً في صندوق النظافة يعملون بالكنس ،كما قمنا بتوفير معدات وسائقين ،وتم استيراد أكثر من 48سيارة لتعزيز أسطول النظافة.
وأشار المدير التنفيذي إلى أن عمال النظافة يعانون من قطع الطرقات ،والاعتداءات علي سيارات وعمال النظافة ،ومنعهم من تأدية مهامهم في الوقت الذي تعتبر النظافة مهام إنسانية ترتبط بصحة المجتمع .
وتحدث المدير التنفيذي راشد عن العصيان المدني قائلا : أصبحنا نعمل ثلاث ايام فقط في الأسبوع بسبب العصيان المدني ،وهذه كارثة بحد ذاتها ومعيق لعملنا حيث تصل في اليوم الواحد مخلفات عدن إلى" 375" طناً ،وتبقى هذه متراكمة على مدى يومين ويصعب على العمال أخذها في فترة مسائية مثلا بعد انتهاء العصيان المدني.
ودعا راشد المواطنين والمجتمع المدني لمساعدة عمال النظافة وذلك بتسهيل وصولهم إلى عملهم , موضحا ا انه سبق وأن دعينا المجتمع المدني والمنظمات وأوضحنا لهم المشكلة لكي يكونوا شركاء معنا ،ولكننا إلى اليوم لم نلمس أي شراكة مجتمعية تساعدنا .
ودعا المدير التنفيذي كافة المكونات في الحراك الجنوبي الداعين إلى العصيان المدني لاستثناء عمال النظافة من العصيان المدني لأن النظافة تخدم الجميع ومحافظة عدن منطقة حارة،ولا تقبل تراكم القمامة وحتى إحراقها يسبب أمراضاً للأطفال والمسنين ،ويضاعف حالة المصابين بالربو وأمراض أخرى – حسب وصفه.